السيد الرئيس، أيها الحضور الكرام
يسرني أن أمثل بلادي في هذا الاجتماع المهم لقادة العالم، لنقيم معاً ما التزمنا بتحقيقه في قمة الألفية قبل خمس سنوات من أجل «دعم مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة والعدل على المستوى العالمي، وإقامة سلام عادل ودائم في جميع أنحاء العالم»، ولنراجع الخطوات التي قطعها عالمنا اليوم باتجاه نشر السلام والأمن والحرية. واسمحوا لي، السيد الرئيس أن أشكر لكم حسن إدارتكم لجلساتنا، وجهودكم القيمة في سبيل إنجاح هذا الاجتماع. كما أشكر للأمين العام جهوده الحثيثة في سبيل مصلحة منظمتنا وعالمنا لا سيما تقريره القيم تحت عنوان «في فضاء أوسع من الحرية» الذي يشخص بدقة التحديات والمشاكل التي تخص عالمنا ويعرض الحلول والاقتراحات الفعالة لمواجهتها. السيد الرئيس، تشكل التحديات الأمنية الهم الأساسي لدولنا اليوم، فقد أردكنا بوضوح أن أدوات العنف لا يمكن حصرها داخل الحدود ويجب أن نتأمل عميقاً بجذور هذه المشكلة وليس فقط مكافحة عوارضها المتنقلة كالورم السرطاني من بلد إلى آخر. إن تأمين الأمان السياسي لمجتمعنا، يكون عبر نظام دولي قائم على التعددية وعلى احترام مبادئ القانون الدولي، وحقوق الشعوب، وعلى تطبيق القرارات الدولية. ولا شك ان منطقة الشرق الأوسط التي ينتمي لبنان اليها، خير مثال على خطورة الخلل في تطبيق هذه المبادئ. السيد الرئيس إن النقاش حول اهمية اصلاح الامم المتحدة يقودنا الى ضرورة اتخاذ الخطوات التنفيذية في اسرع وقت ممكن لبدء هذه العملية الفائقة الأهمية بالنسبة الى مستقبل العالم بأسره. وفي هذا الإطار، يرحب لبنان بإنشاء لجنة بناء السلام في إطار الأمم المتحدة ويتمنى لو يتم تبني اقتراح الامين العام بأن يضع مجلس الأمن بقرار منه معايير واضحة يلتزم بها لحالات إجازة استعمال القوة بناء لتفويض المجلس. أما بالنسبة لمجلس الأمن، فإضافة الى تركيبته التي ينبغي ان تكون عادلة ومتوازنة وجامعة، فإن آليات عمله بحاجة الى اشراك واسع للدول غير الاعضاء في عمله. ومن البديهي ان الاهمية التي يعلقها لبنان على هذا الموضوع، نابعة من تقديره الكبير لدور الأمم المتحدة ومجلس الامن، ومن احترامه الاكيد لقراراتهما. وفي هذا الاطار، يؤكد لبنان، من على هذا المنبر الدولي، شكره للدعم الذي يلقاه من الامم المتحدة ومن المجتمع الدولي على حد سواء، لوقوفهما الى جانبه، وتأييدهما لإرادة اللبنانيين في الحرية في اجراء اصلاحات تعتزم الحكومة اللبنانية القيام بها في المجالات كافة. ان في هذا الاهتمام الدولي بلبنان، نموذجاً يمكن ان يحتذى دعماً للحرية في مفهومها الاوسع والارحب، وتغليباً للغة الاعتدال. السيد الرئيس، بالنسبة الى لبنان، وانطلاقاً من اهداف قمة الالفية، تم إنشاء مؤسستين هدفهما خفض الفقر والتنمية الوطنية هما الصندوق الاقتصادي والاجتماعي للتنمية ومشروع التنيمة المحلية. وفي هذا الاطار، اصدر لبنان بالتعاون مع الامم المتحدة تقريره الاول عن اهداف التنمية الالفية في العام 2003، وهو سيصدر تقرير متابعة في العام 2007. وقد لحظ التقرير تقدماً مهماً لا سيما لجهة القضاء على الفقر وتعميم التعليم الابتدائي في البلاد وتعزيز المساواة بين الجنسين وتخفيض عدد وفيات الاطفال ووفيات الامهات اثناء الولادة، وغيرها من الاهداف الانسانية للألفية. كما ان لبنان، وفي اطار متابعة وتنفيذ اهداف اعلان الالفية، يدعم المقترح الفرنسي الداعي الى مساهمة منظمة الطيران الدولي المدني في تمويل مشاريع تنموية في الدول الفقيرة. وان من شأن هذا التوجه ان يحقق المزيد من العدالة والاستقرار في العلاقات الدولية. السيد الرئيس، رسالة بلدنا الصغير في مساحته، والذي استطاع تجاوز الحروب والعنف والظروف المأساوية والمؤامرات طيلة 30 سنة، هي ان النضال من اجل السلام والحرية والامن والعدالة في العالم، مسؤولية كل شعب ودولة مهما كان عدد هذا الشعب او حجم هذه الدولة. فقوة التغيير تكمن في الارادة وفي احترام المبادئ الانسانية السامية مهما بدت صعبة التحقيق. إن تغيير وجه العالم هو مسؤوليتنا المشتركة، ونحن قادرون على إحداث الفرق، وتحويل إعلان الالفية الى واقع يسود الارض ويحقق اهداف الانسانية